سورة النساء - تفسير تفسير ابن جزي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (النساء)


        


{وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا (30) إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا (31)}
{وَمَن يَفْعَلْ ذلك} إشارة إلى القتل، لأنه أقرب مذكور، وقيل: إليه وإلى أكمل المال بالباطل، وقيل: إلى كل ما تقدّم من المنهيات من أوّل السورة {إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ} اختلف الناس في الكبائر ما هي؟ فقال ابن عباس: الكبائر كل ذنب ختمه الله بنار أو لعنة أو غضب، وقال ابن مسعود: اكلبائر هي الذنوب المذكورة من أول هذه السورة إلى أول هذه الآية، وقال بعض العلماء: كل ما عصيّ الله به، فهو كبيرة، وعدّها بعضهم سبعة عشرة، وفي البخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم: «اتقوا السبع الموبقات: الإشراك بالله، والسحر، وقتل النفس، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات» فلا شك أن هذه من الكبائر للنص عليها في الحديث، وعيد عليها، فمنها عقوق الوالدين، وشهادة الزور، واليمين الغموس، والزنا، والسرقة، وشرب الخمر، والنهبة، والقنوط من رحمة الله، والأمن من مكر الله، ومنع ابن السبيل الماء، والإلحاد في البيت الحرام، والنميمة، وترك التحرّز من البول، والغلول، واستطالة المرء في عرض أخيه، والجور في الحكم {نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ} وعد بغفران الذنوب الصغائر إذا اجتنبت الكبائر {مُّدْخَلاً كَرِيماً} اسم مكان وهو هنا الجنة.


{وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا (32)}
{وَلاَ تَتَمَنَّوْاْ} الآية: سببها أن النساء قلن: ليتنا استوينا مع الرجال في الميراث، وشاركناهم في الغزو. فنزلت نهياً عن ذلك؛ لأن في تمنيهم ردُّ على حكم الشريعة، فيدخل في النهي تمني مخالفة الأحكام الشرعية كلها {لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكتسبوا} الآية: أي من الأجر والحسنات، وقيل: من الميراث، ويرده لفظ الاكتساب.


{وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا (33)}
{وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا موالي} الآية: في معناه وجهان؛ أحدهما: لكل شيء من الأموال جعلنا موالي يرثونه، فمما ترك على هذا بيان لكل، والآخر: لكل أحد جعلنا موالي يرثون مما ترك الوالدان والأقربون، فمما ترك على هذا: يتعلق بفعل مضمر، والموالي: هنا الورثة والعصبة {والذين عَقَدَتْ أيمانكم فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ} اختلف؛ هل هي منسوخة أو محكمة؟ فالذين قالوا إنها منسوخة قالوا: معناها الميراث بالحلف الذي كان في الجاهلية، وقيل: بالمؤاخاة التي آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أصحابه، ثم نسخها: {وَأْوْلُواْ الأرحام بَعْضُهُمْ أولى بِبَعْضٍ} [الأنفال: 75] فصار الميراث للأقارب. والذين قالوا إنها محكمة؛ اختلفوا، فقال ابن عباس: هي المؤازرة والنصرة بالحلف لا في الميراث به، وقال أبو حنيفة: هي في الميراث، وأن الرجلين إذا والى أحدهما الآخر، على أن يتوارثا صح ذلك، وإن لم تكن بينهما قرابة.

4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11